رسائل من نار.. القدس لن تترك وحدها
القدس المحتلة - القسطل: تثبت المقاومة من جديد ومعها جماهير الشعب الفلسطيني أن القدس تقع في القلب من اهتماماتها رغم كل الظروف التي صممها الاحتلال وهندسها لخلق قضايا منفصلة ومجتزئة لكل ساحة ومساحة من أجل ضرب الهم المشترك والهدف الجامع، لكن انتفاضة المقدسيين تعود لتؤكد على نظرية يحاول ساسة الاحتلال تجاهلها: "القدس مفتاح الصراع".
في القدس يعيش المستوطنون مجزئين في أحياء حدودها ثقافية، تسيطر عليهم ثقافة الجيتو التي لن يخرجهم منها وهم الدولة والعاصمة، المتدين في حي والعلماني في آخر، والأول له مدارسه ووسائل نقله ومواقعه وثقافته وقيمه المختلفة، فالمدينة لا تعني لهم أكثر من جغرافيا تحتوي تفاصيل حياتهم اليومية المجردة من أي بعد، هذا التفكيك يحيلنا إلى معنى المدينة لدى الفلسطيني الذي يسكن فيها والذي يعيش على أي بقعة من فلسطين.
ما إن بدأت المواجهات في القدس، مع بداية شهر رمضان المبارك، حتى أظهر الفلسطينيون انتباها شديدا وتضامنا كثيفا مع الشبان المقدسيين الذين خاضوا ويخوضون معركة السيادة، لكن هذا التضامن أخذ اليوم منحنى آخر بعد أن تطورت وتصاعدت الأمور. مع المساء كانت صافرات الإنذار تدوّي في مستوطنات غلاف غزة، وكان العنوان الرئيسي للحدث بالنسبة للإسرائيليين: القدس.
جاءت صواريخ المقاومة لتذكر الإسرائيليين بأمرين مهمين: الأول، أن قواعد الاشتباك أوسع من أن تضيق على القدس، وغزة المحاصرة لن تترك العاصمة تواجه لوحدها. الثاني، أن القدس عاصمة حقيقية للفلسطينيين وليست عاصمة رمزية كما لدى الإسرائيليين، يُراد منها لتثبيت حكم استعماري فشل في توظيف كل أدواته ووسائله الأمنية والسياسية والثقافية في خلق قاسم مشترك لمجتمعه الاستعماري، فظن أن القدس مساحة لصنع المشترك.
لن تقف الأمور عند حد الصواريخ، فنقاط الاشتعال في الضفة بدأت تتوسع، والموجهات في الأيام القادمة شق معادلة حتمي، وقفات الاحتجاج في الداخل بدأت تقام، وستجد النخبة السياسية الإسرائيلية نفسها مرة أخرى محاصرة في باب العامود والساهرة وكل باب يطرقه المستوطنون ومن يساندهم من عناصر شرطة وجيش الاحتلال.
. . .